واقع حقوق الإنسان من خلال المشهد الإعلامي السمعي البصري في الجزائر

مداخلة الأستاذ العياشي دعدوعة

رئيس اللجنة الفرعية الدائمة لحماية حقوق الإنسان

الجزائر في 03ديسمبر 2015

بسم الله الرحمن الرحيم

محدثكم......

أيها المرابطون في حقل ما أخطره؛ حقل الإعلام، المؤمنون بالأبعاد النضالية والفكرية والروحية للكرامة الإنسانية، إننا أمام عالمبأمر واقع جمع فيه الناس للناس من الظلم والجور، ممارسات كثيرة، التي هي موروث غابي متوحش،والتي ترفع اليوم أكثر من أي وقت مضى سقف جرمها بالمزيد من استعمال العنف اللفظي منه والجسدي، جراء زرع فتن طائفية ومذهبية وعرقية، وبين الديانات والحضارات والثقافات، في معظمها تتغذى من جهات رسمية أسيرة كراهيتها، توحي إلى أجيال الغد بالبغضاء، وهي تتبع سياسة "فرق تسد" كاختلاق بعبع إسلاموفوبيا بهدف تدنيس المقدسات الإسلاميةوالإساءة إلى رسول الاسلام محمد صلى الله عليه وسلم، فإحلال فتن النعرات القومية والمذهبية بين الناس.

إن الأمم المتحدة باعتبارها الراعي الأول لحقوق الإنسان، تكون بمنظماتها وتنظيماتها، بلجانها ومقرريها قد أحصت خروقات الإنسان لحقوق الإنسان، والمساس بالمعتقدات الدينية في نبلها وطهارتها، الحاصل منها والمتوقع، وسنت نصوصا، ووضعت صكوكا، أبرمت اتفاقيات، وأقرت إجراءات وتدابير، لا يزال عجز تفعيلها في أرض الواقع جليا واضحا أمام تعنت صانعي وسائل الدمار الصلبة، المتحكمون في وسائل التحريض الناعمة، المسيطرون على أدوات الترويج لتسويق بضاعتهم القاتلة، ممن يفضلون البحث عن إيجاد أسواق للسلع بدل البحث عن مخارج للكرامة الإنسانيةالذليلة، المهانة، المداسة في كم من شبر من أعلى ظهر دنيانا هذه، وإثارة الكراهية في باطنها حتى صارت تلد مع كل مولود جديد، في كم من أمة، لا يُفرق فيها بين المقاومة الشرعية وبين الإرهاب الأعمى أو المزج بينهما أو التفريق بإرادة منفردة كما يحلو لتلك الإرادة وتريد.

هؤلاء الذين لايحركهم بكاء طفل يُتم، ولا عويل امرأة رملت، ولا نحيب عجوز فقدت فلذة كبدها في مواجهة ما في بلد ما في قارة ما، ولا آهات أسير في اعتداء ما مزق جلده وهشمت عظامه من شدة التعذيب الوحشي في مخفر ما او سجن ما، والكل وزيادة في المنطقة العربية المفزوعة الموجوعة.

هؤلاء الذين قد يفزعون لإصابة الحوت ولا يستأنسون لمن يلتهمهم الحوت، أو تقذفهم أمواج البحار،أو تقبرهم رمال الصحاري تيها وضياعا، هؤلاء الذين يقومون أو يشرفون على إبادة شعوب بأكملها، ممن يقتلون القتيل ويمشون في جنازته، ويبكون مع الباكين عليه، وأول من يقدمون التعازيبل يستقبلونها أحيانا.

"ما ضَرَّهم لو جعلوا العلاقة بين الشعوب مودة وإخاء"

في مهامكم، في مهنتكم، أنتم من عباد الرحمن الذين يؤثرون على أنفسهم، وينكرون الذات فيختارون رفع شعار النضال في حقل حقوق الإنسان المحفوف بالمخاطر، وهم يسعون من أجل التصدي لتعدي الإنسان على أخيهالإنسان، وهو يسلبه كرها وقهرا كل شيء حتى من الحق في الحياة.



والسبب، أشواك الكراهية التي تزرع في الإنسان منذ ولادته ضد الإنسان ليحتمي بها وقت الحاجة فتان ذو مآرب شخصية ومصالح ذاتية، فيقوم ببث سموم تشيطن الآخر إلى درجة أنها تجعل منه زورا وبهتانا عدوا لدودا يجب أن يحارب، بل يجب أن يباد في منطق ذاك النمام ومن يحذو حذوه أو يغتر بتغريره له.

أيها الإنسان... أيها الناس... هكذا نادانا ربنا دون تمييز من غير فوارق ولا تفريق، إلا بالعمل الصالح، وهل يوجد عمل صالح يرضيه سبحانه وتعالى أفضل من العمل على نزع فتيل الكراهية بين الذين خلقهم كأسنان المشط وجعلهم خلفاء له في الأرض.

أنتم الذين تناضلون من اجل تحسين أفكار الآخرين، تسوية سلوكاتهم، تصرفاتهم، وأعمالهم المناهضة لحقوق الإنسان، الجانية على مبادئ وقيم وقوانين تلك الحقوق المجني عليها ـ الحقوق التي أنتجتها الذهنيات الخيرية والرسائل السماوية، التي سلك مقرروها الممرات والدروب الإنسانية التي تنبذ خطاب انتهاك حقوق الإنسان، مهما كان مصدرها وأيا كان موطنها.

أنتم من ترثون نضال كبار المناضلين الداحضين للكراهية والعنصرية المقيتة من أمثال مانديلا و الأميرعبد القادر الجزائري ممن كانت السجون أحب إليهم من الانخراط في براثن الحقد والغل والكراهية كالعمل على المساواة بين السود والبيضفي جنوب إفريقيا وبين المسلمين ومسيحيي الشرق في سوريا.

يا من ترثون النضال في نطاق الدفاع عن حقوق الإنسان بعد التخلي عن الذاتية، والولوج بطواعية وعن قناعة، وبإرادة شخصية مجال الإيثارالإعلامي- المجال، الذي يجب أن نفرش معابره وسبله بالورود، بالحكمة والموعظة الحسنة، النضال الحقوقي الإنساني الذي ..

"شربنا حبه كأسا بعد كأس... فما نفذ الكأس وما روينا"

أو يجب أن نكون كذلك، حتى نتمكن منالتبشير به من ينابيع نعيمٍ إيماني وبرصيد قلبي سلوكي مبنى ومعنى، مما يجعلنا نُوفق في كل ما نأتي وفي كل ما نضع.

إن الحياة وإن كانت أحيانا تعطى القرط لمن لا أُذن له، علمتنا أنه كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة، بفضل الإيمان بالقضية - الإيمان الذي هو من روح الله، والثبات على الدفاع عليها، صبرا ومثابرة ومعاناة، إن ادعت الضرورة إلى ذلك.

بل الكفاح ضد المكاره، بسلاح المحبة والأخوة، والكلمة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها في كل حين، يصدر عن قلب حنون لا عن ذلك القلب الذي يجعل مَنْ حَوْلَنا ينفض مِنْ حَوْلِنا.

"...وَلَوْكُنْتَ فَظًا غَلِيظَ القَلْبِ لانْفَضُوا مِنْ حَوْلِكَ..."الآية 159 سورة آل عمران

ذلك أننا نعرف أن الحق لا يَبلى له ملك، ولا تنهار له سيادة، لأن الحق مادة عسلية لا تفنى، ليس لحلاوتها فحسب، إنما بصلاحيتها الدائمة الشافية،التي لا انتهاء لمفعولها الطويل العمر، وذاك ما نتصوره وندريه لأن ما كان من خدمة لصالح البشر فهو من ثمرة الخير، وأما ما كان في غير صالح الآدميين فهو ثمرة الشر المنفر القصير العمر.

إن القدرة على فهم الآخر والتعامل معه دون كراهية هي من قبيل المؤسسات الإعلامية التيتنبئأنالإنسان بفطرته السليمة يدرك جيدا إن للحرية قيمة إنسانية عالية، وبفضل ذلك خلق ليعيش كريما وحرا بشرط ألا يكره.

هذا الإنسان الذي ولد حرا يجب أن لا يستعبد لا من نظام ديكتاتوري ولا من شخص مستبد ولا من جماعة جبرية فكرية كانت أو تخويفية "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا".

وإننا نرى بأم أعيننا بسبب استبداد الحكام وديكتاتورية الأنظمة وظلم إثنية الجماعات وتشدد المتشددين وتطرف المتطرفين الناسَ يموتون بالمئات بل الآلاف في الحروب العدوانية و عرض المحيطات وعلى التخوم في هجرات سرية هروبا مما يكمم الأفواه ويجفف منابع التعبير الحر، وكفر المبيت على الطوى في أوطانهم المطحونة المغلوبة على أمرها.

لأن عالمهم يسوده الصراع القبلي والحقد الطائفي، والاستثمار في الرعب والخوف، فتنشأ جراء ذلك كراهية الإنسان للإنسان التي تنسف ما يجب أن يكون بين بني البشر من أمن وعدل وصفح جميل.

يبدو لي أنه يجب أن نستثمر في المجتمع ، ونعول عليه في التعامل إيجابيا وبمحبة صافية مع بعضه بعضا، ليسود التعايش السلمي وتُثبت أُسُسه وقواعده بتقوى من الناس وورع، يحترمون التعدد والحوار، ويقبلون الاختلاف في الرأي، والتفاعل بصدق مع هذا الآخر الذي لم يكن في عالم اليوم كائنا مجهولاأو غامضا يُخشى التعامل معه.

إنه من الأهمية بمكان للقضاء على دابر معاداة حقوق الإنسان ولا يترك لها في الديار دَيار، أن نركز على تأهيل المجتمع، والعمل على تجنيده ليقف سدا منيعا بل صخرة يتحطم عليها كل ما يدعو إلى الكراهية باعتبارها مُولدا رهيبا للعنفالذي يحمل بذور فناء المجتمعات، وهو يزج بها في أتون النزاعات و الحروب المدمرة لكيانات وحدتها.

المجتمع الذي أرى انه يجب أن نكثف المساعي معه كَسُعاةِللخير من أجل كسب تأييده كي ينخرط وبقوة في عملية سحب البساط من تحت أقدام دعاة الكراهية وينفض الغبار من أعلى سجاد العنف والتمييز العنصري ومن تحته.

إن الإعلام في اعتقادي المخول من جهة، والقادر من جهة أخرى على فعل شيء في مجال حقوق الإنسان، مما يلمع صورة المجتمعات اجتماعيا، ويزيد من بريق أدائها الإنساني، إذا ما عرفت أن الكراهية هي التي تقوض أركانها وتهدم كياناتها، بل هي الخطر الداهم لوحدتها وتماسكها.

إن اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان و حمايتها، تهديكم أسمى عبارات التحايا و أثمنها.

و تقول : بديهي القول أنه ليس لدى الأمم المتحدة من قضية أهم من حقوق الإنسان، و هي تدرج الاهتمام بكرامته في صلب ميثاق المنظمة، و في داخل صميم هياكلها التنظيمية.

و لو أن الناس ليس بتابعي قبلة بعضهم بعضا، فإن حقوق الإنسان كل لا يتجزأ، جنسا و عقيدة، و كرامة، و مساواة، لذلك فالحديث عن إنسانيتنا ذو شجون، يفتح أبوابا من الأمل تسمع نداءات كرامتنا، و نوافذ تصغي لإرهاصات حقوق آدميتنا.

و تقول : طبيعي القول، أن ذلك لا يتأتي لنا تحقيقه إلا بإيجاد ديمقراطية حقيقية، ننالها على أنقاض تفتيت السلطة الواحدة إلى ثلاث سلطات تشريعية، قضائية و تنفيذية، ليس في مستوى الفصل فيما بينها فحسب، بل يجب أن نرنوا إلى درجة التوازن بينها.

و حيث أن لا ديمقراطية قبل الديمقراطية، بمعنى أنه لا تتحقق الديمقراطية المنشودة إلأ بعد دمقرطة الحياة العامة كما يقول: مالك بن نبي.

يتجسد ذلك و يتجسم في الواقع الحي حينما تتحول سلطة الدولة الإكراهية الإذعانية إلى ديمقراطية انفتاحية تعددية، فوسيلة مدنية تخدم حقوق الإنسان، غير القابلة للتصرف لتأصيلها في الطبيعة البشرية، ليمارسها الإنسان كحقوق اقتصادية و اجتماعية، و ثقافية، و مدنية، و سياسية، وفق المعايير الدولية التي أسست لها مختلف الصكوك الأممية.

و لزاما مقابل ذلك أن تتقلص مساحات الطغيان و تضمر، بل تجف منابع ذلك الطغيان الذي يظهر عادة في البلدان الفاشلة التي يدمرها تخلف أنظمة الحكم فيها، و ينخرها الفساد، و تثقل كاهلها الرشوة و المحاباة و التعسف في استعمال السلطة.



إن اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان و حمايتها، ترى أن بيت الديمقراطية يجب أن يشيد لبنة، لبنة حتى يستكمل بناؤه بعد أن ترفع قواعده و تحضر رحابه و مسلتزمات تهيئته حتى يصير في إمكانه التصدي، لعبث أولئك الذين يسعون لتدمير النفوس و الآمال و الأفئدة التي في الصدور.

إن الجزائر التي عانت من ويلات الإرهاب الهمجي و التي عاشت بسببه مأساة دموية بكل أبعادها، و التي زامنتها صحافة مبشرة بإحداث نقلة نوعية في التمكين لممارسة حقوق الإنسان و الدفاع عنها، و رافقتها أخرى كانت تسعى للحد، وبقوة من ملامسة الحق المشمول في حقوق الإنسان.

كان للسلطة الرشيدة في الجزائر رغم المحن و الإحن المزية في أخذ زمام المبادرة بإصدار تشريعات تمثلت على وجه الخصوص في سن قانون تدابير الرحمة و الوئام المدني، فميثاق السلم و المصالحة الوطنية و ما تبعها من نصوص تنظيمية جاءت شارحة لها مساعدة على تنفيذها.

و تشهد لجنتنا المشاركة في هذه الذكرى المجيدة أن الفضل كل الفضل لوسائل الإعلام التي تبنت المسعى، و راحت ترفع اللبس في كم من موطن، بما يفيد الناس و يحمي حقوق الإنسان، و يصون الحريات بما يستجيب لمبادئ و قصد المواثيق الأممية و الجهوية و الإقليمية ذات الصلة و التي تراعي في أحكامها حماية حقوق الإنسان التي لا يمكن للإنسان أن يعيشها في حالة فقدانها معيشة كريمة تستمد من تطلعات الإنسان المستمرة في مناشدة حياة تتميز باحترام الكرامة الإنسانية و حمايتها، مما "يشكل أساس الحرية و العدالة..." كما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

الحرية التي أبدى حلف الأطلسي أربعة من أشكالها:

- حرية العبادة

- حرية التحرر من الجوع

- حرية التحرر من الخوف

- و حرية التعبير التي تعنينا في جمعنا هذا، و التي تعني حرية الكلام، حرية الكتابة، حرية الصحافة و النشر، و كل نظائرها و إندادها من وسائل التعبير، بما لا يستنكر على الإرادات تحررها لأن الأصل في الشيء هو الإباحة.

الإباحة التي تمتعت بها وسائل الإعلام الوطنية، كسلطة رابعة في دستور عام 1989 و ما تلته من تعديلات بالكيفية التي تسمح لها ممارسة حقها في التعبير بسبل الحرية التي تمكنها من القيام بدورها المتعدد الأوجه التي تخدم الإنسانية بما يحفظ كرامتها، و يمكنها من المطالبة بالحق في الحياة الكريمة، إذا ما استثنينا تلك الصحافة المثولية المتزمتة التي تخاف من الديمقراطية وتعتبر نفسها أنها صاحبة الرأي الصائب.

ذلك أن الإعلام سلاح ذو حدين إما منشئ للضرر، و إما كاشف للضر، هذا الأخير الذي لولاه ما اكتشفنا الفساد و مواطنه الرشوة و بواطن معاقلها، التسيب و أسبابه، الإهمال و مسبباته، التهميش و خلفياته، الانحرافات و من يروج لها.

و هذا ما يدخل بحق في حماية حقوق الإنسان التي تسلب من الإنسان بسبب انتشار أوكار تلك الظواهر و تفشيها بين مختلف طبقات المجتمع وفيئاته.

فالإعلام الجزائري ظل مواكبا لحركة المجتمع الجزائري خلال الثورة التحررية و إبان النظام الشمولي و مع النظام الديمقراطية الانفتاحي التعددي، يكبو معه و يتحسن معه عبر تعديلات و مشاريع و تشريعات تحرص دوما على تحيينه و جعله عاما و خاصا، يغير باستمرار تصوراته و توجيهاته و اتجاهاته، نحو مستقبل واعدله، و استشراف واعد للمجتمع و بخاصة منذ سنة 2002 سواء كمؤسسات إعلامية أو كهيئات تسييرية، ذلك ما كان واضحا في الإصلاحات السياسية التي تلتها إصلاحات حينتها، كان للإعلام في الجزائر حصة الأسد فيها عبر مشاريع و نقاشات طويلة و عميقة تمخضت عنها نصوص قانونية جادة.

إلى أن توج المسار بقانون السمعي البصري الذي أنشئت طبقا لأحكامه سلطة الضبط التي تعد نقطة تحول هامة بل مفصلية في تلمسنا في تعميق الديمقراطية و في تعزيز حرية الإعلام، و حرية التعبير.

أما بالنسبة لحقوق الإنسان فالمطلوب أن تذهب سلطة الضبط أكثر من ذلك في يومياتها بما تساهم وبقوة في التحرير النفسي الداخلي ليتسنى للإعلامي السمعيالبصري، لأن يكون مهنيا بحق في مهنة الإعلام بأتعابها الثقيلة و أخطارها الكثيرة، و ليس رجل قانون فقط.

و لأن الإعلامي مثل غيره من البشر يأكل الطعام و يمشي في الأسواق، مما يستوجب عليه أن يراعي في مدونته الأخلاقية ما يسطر قلمه، أو يقول لسانه، أو ترسم ريشته لفائدة الجماعة أي لفائدة البلاد و العباد.

لأن ما يصدر عن الإعلامي وزنه بالمثقال و ليس بالقنطار في حياة الأممو الشعوب، فبالقوة الناعمة تصنع القوة الصلبة التي هي أداة حروب و تدمير و ذلك ما يتنافى و حقوق الإنسان، و يتعارض و أمن الشعوب الذي يأتي في مقدمة حقوق الإنسان.

إن الطرق المثلى التي تحترم حقوق الإنسان من شأنها أن ترفع من مكانة الصحفي سواء ذلك الذي إستهوته الحضارة أو سيطرت عليه، أو ذلك الذي تسلطت عليه آلة التقليد و من مستوى المؤسسة الإعلامية التي هي ملك للمجتمع، فتصير المؤسسة سمعية كانت أو بصرية أو مكتوبة رائدة و الصحفي ينال درجة عميد زملائه ليس بتقدم السن أو قصره، و لا بطول التجربة أو قلتها، إنما بمصداقية ما ينتج خدمة للإنسان في نيل حقه و احترام كرامته.

أما من خلال تقييمنا للمشهد الإعلامي السمعي البصري في بلادنا، و بالرغم من حداثة عهد سلطته، فإننا نشيد به كونه ظل حريصا على نبذ خطاب العنف و يناهض التطرف و الغلو في التمييز، و كل ما من شأنه أن يحدث مساسا بحقوق الإنسان أو يخدش في حق تقرير مصير الشعوب المستعمرة و تحرير النفوس التي ضربت عليها الذلة و المسكنة.

و دعوانا أن يتمكن الإعلام الوطني بتنوع وسطائه و لأي كانت ملكيته و بخاصة بعد التجربة التي خاضها و لا شك أنه استفاد منها أن يتمكن بالقدير الكافي من الحرية مما يجعله يسهم بفعالية عالية في تنوير المواطن بماله و ما عليه، و ذاك ما يثمن عاليا حتى ينال ذاك المواطن الإنسان حقوقه الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، كاملة غير منقوصة بما في ذلك حق المواطن في الإعلام و حق الإعلامي في الوصول إلى المصدر المبتغى كما ينبغي لا كما يبتغيه.

إن الانتشار الواسع للمؤسسات الإعلامية العمومية و الخاصة في بلدنا، و عبر حوارات و نقاشات بأصوات عالية تحترم خصوصيات شعبنا و مميزاته بحكمة و تبصر، من شأنه أن يجد الطبيعة الملائمة و التربة الخصبة التي يخرج شطأ زرعها مؤازرا من طرف الجميع، بما يغلظه و يسويه على سوقه و أصوله و جذوعه، و لو استغاض به الكفار بحقوق الإنسان المعادين لها.

إن الجزائر في أحوالها عجب

و لا يدوم الناس بها مكروه

ما حل عسر بها أو ضاق متسع

إلا و يسر من الرحمان يتلوه



عبد الرحمان الثعالبي

رحم الله شهداء الكلمة الحرة.

و السلام عليكم.

الأستاذ العياشي دعدوعة

فندق السفير 03 ديسمبر 2015