مداخلة النائب قارة عمر بكير حول مشروع القانون الذي يعدل و يتمم الامر

رقم 66-156 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق ل 8 يونيو سنة 1966

و المتضمن قانون العقوبات.



بسم الله الرحمان الرحيم ،
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على اله و اصحابه و التابعين له بإحسان الى يوم الدين .

شكرا سيدي الرئيس ،
معالي الوزراء،
زميلاتي، زملائي النواب،
اسرة الإعلام ، ايها الضيوف ،
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.

أتقدم بأحرالتهاني للأخ والزميل قراوي عبد النور على فوزه في الانتخاب للعضوية في المجلس الدستوري و إن شاء الله يعود بالخير على الوطن.
الشكر الى معالي وزير العدل و حافظ الأختام،
أهنئه وهو المعروف بنزاهته وإخلاصه و تفانيه في حب الوطن و حبه لوظيفته النبيلةوالمتمثلة في كونه قاضا يعرف أذق الأشياء و التفاصيل عن مهنته.
ولا نشك في أنه سوف يكون قيمة مضافة لهاته الهيئة الدستورية التي هي كيان الدولة و ديمومتها.
والمطلوب أن تبذل قصار الجهود التي بذلت في مجال عصرنة قطاع العدالة على غرار ما تم القيام به في عصرنة منظومة الضمان الاجتماعي التي أصبحت اليوم حقيقة تستعمل من طرف كل القطاعات الحيوية ونموذج بالنسبة لدول الإقليم والدول العربية والإفريقية.
ونخص بالذكر بطاقة الشفاء " CHIFA "التي يفتخر بها كل جزائري في ربوع هذا الوطن.

عرض لأسباب اقتراح هذه التعديلات والاضافات :
تعرف الجزائر في الآونة الأخيرة ظاهرة خطيرة تمس أولا بقيم و بمقومات الأمة الجزائرية و بأمن واستقرار الوطن، كما تمس بالوحدة الوطنية والتلاحم بين الأمة الجزائرية، وهي النزاعات العرقية والدينية والمذهبية، والجهوية ، هذه الظاهرة الخطيرة التي بدأت تظهر بوادرها في مجتمعنا الجزائري في مناطق متعددة، إن لم توضع استراتيجية لمواجهتها فسوف ينتج عنها تداعيات خطيرة تمس بالأرواح والممتلكات، كما تمس بوجود الدولة ووحدتها الترابية.

حاربت الدول بكل الوسائل القانونية والمادية هذه الظاهرة التي باتت تهدد مع الأسف الشديد مجتمعاتنا العربية و الإسلامية، الدول الأوروبية وضعت ضوابط لكي تتحكم في أي انفلات يكون سببه التمييز العنصري أو الديني.

على سبيل المثال يُمنع منعاً باتاً التلاعب بالنسيج العرقي والاجتماعي في بريطانيا. أو بعبارة أخرى فإن الوحدة الوطنية في البلاد خط أحمر لا يجوز لأحد تجاوزه مهما علا شأنه، ومهما كانت مبرراته وأن أي مساس به سيعرّض صاحبه لأقسى العقوبات.

وقد سنـّت العديد من الحكومات نصوصا قانونية لمكافحة هذه الظاهرة الغريبة. فما بالك المجتمعات الإسلامية التي تعايشت فيها الديانات والمذاهب الفقهية جنبا الى وفي مجتمع يدين بالدين الاسلامي، ويقال فيه أن الاختلاف رحمة ، فمثلا وضعت بعض الحكومات الأوروبية قوانين صارمة جداً لمكافحة العنصرية والطائفية والتحزب العرقي والديني، بحيث أصبح النيل من الأعراق والطوائف والإثنيات والديانات والمذاهب في هذه البلدان جريمة يُعاقب مرتكبها عقاباً صارما خاصة من يقوم بالتحريض الطائفي والعرقي والإثني والجهوي والديني، بحيث

يمنع منعاً باتاً في الغرب، وأن أي محاولة لشق الصف الوطني أو إضعاف التلاحم الاجتماعي جريمة لا تـُغتفر في القوانين و الأعراف الغربية.

تعيش للأسف الشديد العديد من الدول والمجتمعات العربية حروبا أهلية ونزاعات طائفية وعرقية، توفر شروط بلورة مشاريع تقسيم هذه الدول على أساس ديني وطائفي وعرقي، في الوقت الذي تحافظ فيه الدول الغربية على نسيجها الوطني واللحمة الداخلية وتحميها من التفكك رغم ما يفرقها من تاريخ ولغة وأعراق وأعراف.

كانت العديد من الدول العربية تعتز بأنها لم تعرف التمييز بين عرق وآخر أو طائفة وأخرى على مدى سنين ، لكن للأسف تحولت إلى مجموعات وطوائف متصارعة ومتناحرة ، مشروع تقسيمها بات واضحا ، في حين ترفض الدول الغربية والمتقدمة رفضاً قاطعاً السماح لأي إقليم من أقاليمها بالانفصال عن المركز.

ظهرت ملامح هذا التقسيم، بمحاولات انفصال أقاليم عن الوطن الأم في العديد من الدول،
أو إغراقها في حروب أهلية. ومن الواضح أن القوى التي لا تريد لبلادنا سوى التمزق والتشرد عادت لتعزف على الوتر الطائفي والمذهبي، مما يعرض بلادنا الجزائر لفتن قد تأتي -لا قدر الله - على الأخضر واليابس ، ان لم يقف الشعب الجزائري ومؤسسات الدولة بحزم في مواجهتها، وعدم التساهل مع مروجي الفتنة، وكل من يتواطأ في ردعها أو يتساهل في مواجهتها ومكافحتها .

وعليه نعتقد بأنه حان الوقت لإيجاد الوسائل القانونية والمادية لمحاربة هذه الظاهرة للحفاظ على وطننا العزيز ، وذلك عن طريق سن قوانين لغلق الطريق أمام من تسول له نفسه ركوب هذه الموجة للنيل من الوحدة الوطنية وتناسق النسيج الاجتماعي للأمة الجزائرية ، وفق مقاربة استشرافية اذ نرى أن سن قوانين صارمة في هذه المسألة سواء للذين يقومون بالتفرقة أو الاستثناء أو التقييد أو

التفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الديني أو من يحرض على ذلك، أو يصدر فتاوى تتعلق بالتحريض على الكراهية أو التمييز ضد أي شخص او مجموعة من الأشخاص بسبب انتمائهم العرقي أو الديني .

كما يجب معاقبة كل من يستعمل وسائل الدولة أو يتواطأ أو يتساهل مع من يقومون بهذه الأفعال، الى جانب الأشخاص المعنوية و المؤسسات الاعلامية والجرائد التي تقوم بصفة مباشرة أو غير مباشرة بهذه السلوكات، والحرص على تنفيذ هذه النصوص وتطبيقها على أساس أنها أولوية أستراتيجية للدولة الجزائرية ستجنبنا مصائب جمة لاسيما وان شعبنا المسلم الغيور على وحدته في غنى عنها .

وعليه أقترح عليكم هذه التعديلات راجيا أن تلقى اهتمامكم واستجابتكم

اضافة فقرة للمادة 295 مكرر1 لتصبح كما يلي :
يشكل تمييزا كل تفرقة أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الديني أو الاعاقة و يستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الانسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها على قدم المساواة في الميدان الديني أو السياسي والاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر، من ميادين الحياة العامة.
يعاقب على التمييز بالحبس من ستة أشهر الى ثلاثة سنوات وبغرامة من 50000 دج الى 150000دج.
يعاقب بنفس العقوبة كل من يقوم علنا بالتحريض على الكراهية أو التمييز ضد أي شخص او مجموعة من الأشخاص بسبب انتمائهم العرقي أو الديني أو ينظم أو يروج أو يشجع أو يقوم بأعمال دعائية من أجل ذلك .

يعاقب بالسجن من خمس سنوات الى عشر سنوات كل من قام أو حرض أو تآمر على استعمال العنف والتخريب بدافع التمييز على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الديني، كما يعاقب بالسجن من 10سنوات الى 20 سنة كل الموظفين الذين يشاركون أو يشجعون أو يحرضون على القيام بهذه الأفعال أو يرفضون أو يهملون ردع ومكافحة العنف والتخريب لنفس هذه الأسباب.

ويعاقب بنفس العقوبة الذين يصدرون فتاوى أو مناشير تتعلق بالتحريض على الكراهية أو التمييز ضد أي شخص او مجموعة من الأشخاص بسبب انتمائهم العرقي أو الديني ، وكذلك الذين يلقون خطابات،وكل من يستعمل منبرا للتحريض بمختلف الوسائط والأوعية ، بغرض التفرقة الطائفية و إثارة الاضطراب والفوضى في المجتمع وتهييج المشاعر والعواطف.

يعاقب بالإعدام كل من ارتكب فعل أو سلوك يهدف الى إثارة حرب أهلية أو اقتتال أو حرض على ذلك، بدافع التمييز على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الديني ، سواء بتسليح المواطنين أو حملهم على التسلّح أو حثهم على القتال أو تأجيج الفتنة والتمييز والطائفية أو استخدام العنف أو زعزعة الأمن الداخلي أو المساس بالوحدة الوطنية وتلاحم الأمة الجزائرية أو هدر الثروات البشرية والمادية والممتلكات العامة والخاصة.

المادة 295 مكرر 2: دون الإخلال بالعقوبات التي قد تطبق على مسيريه ، يعاقب الشخص المعنوي اذا ارتكب التمييز المنصوص عليه في المادة 295 مكرر1 أعلاه بغرامة من 150000 دج الى 750000دج ويتعرض أيضا الى واحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها في المادة 18 مكرر من هذا القانون.

يعاقب مسير الشخص المعنوي بعقوبة تمثل ضعف العقوبة المقررة للشخص الطبيعي في حالة تحريضه بصفة مباشرة أو غير مباشرة أو بتهييج المشاعر والعواطف للتمييز ضد أي شخص أو مجموعة من الأشخاص بسبب انتمائهم العرقي أو الديني أو ينظم أو يروج أو يشجع أو يقوم بأعمال دعائية أو إعلامية من أجل ذلك الى جانب حل الشخص الطبيعي بصفة نهائية .

وفي ختام مداخلتي اهنئ كل الشعب الجزائري بحلول الذكرى الثالثة والخمسين المخلدة لمظاهرات 11 ديسمبر 1960 التي كانت هبة شعبية واعية عبر من خلالها عن رفضه لمناورات السلطات الاستعمارية و تأكيد احتضانه لمشروع بيان اول نوفمبر واستعداده لتقديم المزيد من التضحيات لاستعادة سيادته و كرامته ووحدته و أتمنى ان تكون مناسبة لاستلهام الدروس واستحضار الثمن الباهض الذي تكبده الشعب الجزائري في سبيل تحقيق هدف الاستقلال الذي تحاول بعض الأيادي الخفية العبث بمكتسباته وعلى رأسها تماسك الشعب الجزائري وتلاحمه في كامل ربوع الوطن العزيز.
و كما أهني معالي الوزير الأول على كل الأعمال الميدانية لإيجاد الحلول المناسبة في عين المكان.
و أطلب من الله عز و جل الصحة و العافية و الدوام لفخامة الرئيس المجاهد عبد العزيز بوتفليقة.
و في الاخير وفقنا الله وسدد خطانا و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.

النائب: قارة عمر بكير
التجمع الوطني الديمقراطي - غرداية